جمعية الإصلاح الاجتماعي تطلق «تقرير الاستدامة الثامن 2024م»: مسيرة من العطاء المؤسسي نحو أثر إنساني مستدام

في خطوة جديدة تؤكد التزامها بالعمل المؤسسي المتجدد وتعزيز الشفافية والحوكمة في القطاع الخيري الكويتي، أطلقت جمعية الإصلاح الاجتماعي تقريرها السنوي الثامن للاستدامة لعام 2024م، تحت عنوان «عطاءٌ يتجدد.. وتنميةٌ تُثمر».

يمثل التقرير محطة نوعية في مسيرة الجمعية الممتدة لأكثر من نصف قرن، ويجسّد رؤيتها في توحيد الجهود المجتمعية والإنسانية تحت مظلة التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة؛ بما يعزز دور الكويت كمركز عالمي للعمل الإنساني.

منهج الاستدامة.. رؤية تقودها القيم وتترجمها الأرقام

يأتي تقرير الاستدامة الثامن ترجمة عملية لإستراتيجية الجمعية في الانتقال من الاستجابة الإنسانية إلى الأثر التنموي المستدام، من خلال توثيق شامل للأداء المؤسسي، والمبادرات المجتمعية، والمشروعات الخيرية داخل الكويت وخارجها.

وقد ركز التقرير على تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، خصوصاً الأهداف المتعلقة بـ: القضاء على الفقر والجوع، وضمان التعليم الجيد وتعزيز الصحة والرفاه، والمساواة والتمكين المجتمعي والعمل المناخي والإنتاج المستدام، وبناء مؤسسات قوية وشراكات فعّالة.

وأكدت الجمعية، في تقريرها، أن منهج الاستدامة أصبح جزءاً أصيلاً من فلسفة العمل لديها، حيث يجري ربط الخطط التشغيلية بالنتائج التنموية الفعلية، وإخضاع العمليات للرقابة والتقييم المستمر عبر مؤشرات قياس الأثر.

العطاء بالكفاءة والشفافية

هذا، وقال الأمين العام لجمعية الإصلاح الاجتماعي حمد العلي: نُقدّم تقرير الاستدامة الثامن 2024م بصفته وثيقة عطاء ومسؤولية، تؤكد أن العمل الخيري في الكويت لم يعد مجرد مبادرة موسمية، بل هو منظومة مؤسسية تعتمد على الحوكمة والشفافية والمحاسبة والنتائج القابلة للقياس؛ حيث إننا نؤمن أن الاستدامة ليست هدفاً بعيداً، بل هي منهج حياة يتجدد مع كل مشروع، ومع كل أسرة تمتد إليها يد العون والأمل.

وأضاف: لقد حرصت الجمعية على مواءمة أعمالها مع الأجندة الأممية للتنمية المستدامة 2030م، لتكون الكويت؛ قيادة وشعباً، في طليعة الدول التي تجمع بين الإحسان والإتقان، بين العطاء والابتكار، وبين القيم الإنسانية والنتائج الملموسة.

الإنجاز المؤسسي بالأرقام

ويبرز التقرير الثامن عدداً من المؤشرات النوعية، التي تعكس حجم الأثر المؤسسي في مختلف القطاعات، ومنها: أكثر من 1.2 مليون مستفيد من برامج الجمعية في الداخل والخارج، وتخصيص أكثر من 15 مليون دولار أمريكي في مشاريع التنمية والتعليم والصحة والإغاثة، ونحو 400 شراكة محلية ودولية لتعزيز كفاءة البرامج وتحقيق التكامل الإنساني، وزيادة بنسبة 25% في مستوى الشفافية المالية والتدقيق الشرعي مقارنة بالعام السابق، واستحداث 8 مبادرات رقمية لتطوير الأداء وتحسين تجربة المتبرعين والمستفيدين.

ويؤكد التقرير أن كل مبادرة تم تنفيذها ضمن رؤية تكاملية، تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتمكين الفئات الهشة، ولا سيما الأيتام، والأسر المتعففة، والطلبة، وذوي الاحتياجات الخاصة، واللاجئين، والمتضررين من الأزمات.

الابتكار الرقمي في العمل الخيري

وسلّط التقرير الضوء على التحوّل الرقمي الذي تبنته الجمعية، الذي شمل إطلاق منصات إلكترونية ذكية لإدارة التبرعات والمشاريع، من بينها منصة «العمل الإنساني» التي أطلقتها نماء الخيرية، الذراع الإنسانية للجمعية، التي تمثل نقلة نوعية في تعزيز الشفافية والحوكمة الرقمية.

وأشار العلي إلى أن الجمعية تؤمن بأن الابتكار الرقمي هو البوابة الجديدة للاستدامة؛ إذ يضمن وصول التبرعات بسرعة وأمان، ويتيح للمتبرع متابعة أثر عطائه لحظة بلحظة؛ ما يعزز الثقة ويعمّق ثقافة العطاء الواعي والمسؤول.

الشراكات الدولية.. نحو أثر عابر للحدود

وأكد الأمين العام أن أحد أبرز محاور تقريرها الثامن يتمثل في الشراكات الإستراتيجية الدولية مع منظمات الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية المعتمدة، حيث تم تنفيذ مشاريع إنسانية وتنموية في أكثر من 24 دولة حول العالم، شملت اليمن، والصومال، والسودان، وفلسطين، وتشاد، وبلداناً آسيوية وأفريقية أخرى.

وقال: إننا نؤمن أن العمل الإنساني لا تحكمه الجغرافيا، بل تحركه القيم المشتركة، ولهذا فإن تعاوننا مع المؤسسات الدولية ليس مجرد دعم مادي، وإنما التزام بقيم العدالة والمساواة وحق الإنسان في الحياة الكريمة.

تعزيز الحوكمة والرقابة الشرعية

وخصص التقرير محوراً كاملاً لتجربة الجمعية في التدقيق الشرعي الخارجي، الذي اعتمدته للمرة الأولى في الكويت كإجراء مؤسسي دائم، يهدف إلى ضمان سلامة العمليات المالية والإدارية، والالتزام الكامل بالضوابط الشرعية.

وأكدت الجمعية أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهودها لتعزيز الثقة المجتمعية والشفافية، وترسيخ ثقافة المساءلة وفقاً لأفضل الممارسات الدولية في الحوكمة.

كما أشارت إلى أن الجمعية حصلت هذا العام على شهادة «الأيزو» في إدارة الجودة والحوكمة، لتصبح من أوائل الجمعيات الخيرية في المنطقة التي تحقق هذا المستوى من الالتزام المؤسسي.

المسؤولية المجتمعية.. التزام يتجدد

وتناول التقرير الثامن محور المسؤولية المجتمعية باعتباره أحد أعمدة الاستدامة؛ ففي عام 2024م، نفذت الجمعية أكثر من 120 فعالية مجتمعية في مجالات التعليم والصحة والبيئة ورعاية كبار السن، كما نظّمت حملات توعوية هدفت إلى تعزيز ثقافة التطوع والمسؤولية في المجتمع الكويتي، مؤكدة أننا ننظر إلى المسؤولية المجتمعية بوصفها التزاماً أخلاقياً وواجباً وطنياً، فهي البوصلة التي تربط العمل الخيري بأهداف التنمية الوطنية، وتجعل من كل مبادرة مشروعاً لبناء الإنسان.

تمكين الشباب.. الاستثمار في المستقبل

وأولى التقرير اهتماماً خاصاً بتمكين الشباب الكويتي، من خلال برامج التدريب، وريادة الأعمال الاجتماعية، والعمل التطوعي المنظم.

وقد بلغ عدد الشباب المشاركين في المبادرات التطوعية أكثر من 3500 متطوع ومتطوعة، ساهموا في تنفيذ المشاريع الإغاثية والبيئية والتعليمية، ضمن رؤية تسعى إلى بناء جيل من القادة الإنسانيين القادرين على إحداث التغيير.

المرأة في قلب التنمية

وأكد التقرير أن تمكين المرأة يمثل ركيزة أساسية في رؤية الجمعية، ليس فقط كمستفيدة، بل كشريك فاعل في التنمية؛ حيث بلغت نسبة مشاركة المرأة في تنفيذ البرامج التطوعية والإدارية نحو 47% من إجمالي الكوادر العاملة، كما أُطلقت مبادرات خاصة لدعم النساء المعيلات والأسر محدودة الدخل، عبر التدريب المهني والمشاريع الصغيرة.

العمل البيئي والمناخي

في سياق التزامها بالهدف الأممي رقم (13) المتعلق بالعمل المناخي، نفذت الجمعية مجموعة من المبادرات البيئية، شملت حملات التشجير وترشيد المياه والطاقة، إلى جانب دعم المشاريع التي تعتمد على الطاقة الشمسية في المناطق الريفية خارج الكويت، مؤكدة أن البيئة ليست قضية جانبية في العمل الإنساني، بل هي شرط أساسي لاستدامة الحياة والكرامة الإنسانية.

الكويت مركز إنساني عالمي

واختتمت بالتأكيد أن تقرير الاستدامة الثامن 2024م شهادة جديدة على استمرار ريادة الكويت في العمل الإنساني العالمي، تحت قيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، حفظه الله، اللذين جعلا من العطاء نهجاً وطنياً راسخاً.

إن ما يميز الكويت ليس حجم المساعدات فحسب، بل روحها الإنسانية التي تعبر الحدود، وتغرس الأمل في القلوب المنكوبة، ونحن في جمعية الإصلاح الاجتماعي نعتز بأن نكون جزءاً من هذا النهج المبارك، ونؤكد أن تقارير الاستدامة ليست أوراقاً رقمية، وإنما هي فصول من قصة إنسانية تُكتب كل يوم بالعطاء والمسؤولية.

تقرير الاستدامة الثامن ليس نهاية إنجاز، بل بداية مرحلة جديدة نحو مزيد من التنظيم والابتكار والشراكة، نحو عمل خيري أكثر فاعلية واستدامة، يليق بتاريخ الكويت ومكانتها كمنارة للإنسانية في عالم يموج بالأزمات، فرسالتنا أن يبقى العطاء طريقاً للتنمية، وأن تتحول كل مبادرة إلى بذرة أمل تُثمر حياة كريمة لكل إنسان في حاجة إلى نور.

Scroll to Top