أسدل الستار، مساء السبت 3 مايو 2025م، على فعاليات الدورة السابعة والأربعين من معرض الكتاب الإسلامي، الذي احتضنته جمعية الإصلاح الاجتماعي بمقرها في منطقة الروضة، وسط أجواء احتفالية اتسمت بالحيوية الثقافية والتفاعل المجتمعي، في ختام تظاهرة معرفية امتدت على مدار 13 يومًا، وشكّلت علامة فارقة في المشهد الثقافي الكويتي.
وقد حمل المعرض هذا العام شعار «نحو وعي حضاري»، ليعكس رؤيته في إرساء أسس نهضة فكرية ترتكز على القيم الإسلامية الراسخة، وتسعى في الوقت ذاته إلى التفاعل الإيجابي مع متغيرات الواقع ومستجدات العصر.
ويأتي المعرض في سياق احتفال الكويت باختيارها عاصمة للثقافة والإعلام العربي؛ ما يضيف بُعدًا حضاريًا أكبر لهذه التظاهرة الثقافية.
وكان هذا الشعار أكثر من مجرد عنوان، بل تجسّد في مضمون الفعاليات، واختيارات الكتب، ومحاور النقاشات، والأنشطة المصاحبة التي خاطبت العقل والوجدان معًا.
اليوم الختامي.. إقبال جماهيري و«أثر» يواصل العطاء
جاء اليوم الثالث عشر والأخير من المعرض تتويجًا لمسيرة حافلة بالعطاء الثقافي، حيث شهد توافدًا جماهيريًا واسعًا من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، في مشهد عائلي دافئ يعكس مدى التفاعل الشعبي مع المعرض، وتعلّق الجمهور بهذه المنصة السنوية التي تجمع بين المعرفة والتجديد والروحانية.
وتميّز اليوم الختامي بمواصلة مركز «أثر» الاجتماعي لبرامجه النوعية، التي شكّلت هذا العام إضافة نوعية للمعرض، لما قدمته من أنشطة تفاعلية وورش عمل ثرية وجلسات نقاشية متنوعة.
وقد ركّزت فعاليات «أثر» على بناء المهارات الفكرية، وتعزيز الحس النقدي، وإطلاق العنان للمواهب الشابة، في بيئة تربوية جاذبة تُراعي الفروق العمرية، وتوفّر مساحات آمنة للتعبير عن الرأي، والتجريب، والمشاركة الفعالة.
وقد نُظمت خلال اليوم الختامي مجموعة من المسابقات الفكرية والأنشطة المعرفية التي حازت على تفاعل لافت من الأطفال والشباب وأولياء الأمور على حد سواء؛ ما يعكس نجاح مركز «أثر» في الدمج بين الترفيه الهادف والتثقيف، وخلق تجربة تعليمية متكاملة تتجاوز حدود الكتاب إلى فضاءات أوسع من الوعي والسلوك والممارسة.
رعاية رسمية تؤكد دعم الدولة للثقافة
وحظي المعرض هذا العام برعاية كريمة من معالي وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، الذي أكّد في تصريح سابق أهمية هذه التظاهرة الثقافية، ودور وزارة الإعلام في دعم المبادرات التي تنهض بالوعي المجتمعي، وتُعزز مناعة المجتمع الفكرية والروحية في مواجهة التحديات الفكرية والسلوكية المعاصرة.
ومنذ انطلاقته الأولى، رسّخ معرض الكتاب الإسلامي مكانته كإحدى أهم الفعاليات الثقافية في دولة الكويت، وبات محطة سنوية ينتظرها المثقفون والقراء والناشرون.
وقد شاركت في الدورة الحالية أكثر من 120 جهة ودار نشر من الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي والمشرق والمغرب العربي، إضافة إلى عدد من دور النشر الأوروبية، في تأكيد على البعد الإقليمي والدولي للمعرض، وامتداده الحضاري كمنبر للتواصل المعرفي بين الشرق والغرب.
وإلى جانب دوره في تسويق الكتاب الإسلامي، يُعد المعرض فضاءً رحبًا للحوار وتجديد الخطاب الإسلامي بمنهج وسطي راشد، يُزاوج بين الأصالة والتجديد، والثوابت والاجتهاد، والنص والسياق؛ ما يمنحه بُعدًا حضاريًا عابرًا للزمان والمكان، يليق بأمةٍ كانت وما تزال منبعًا للعلم والنور.
في ختام فعالياته، لا يُعد معرض الكتاب الإسلامي مجرد مناسبة موسمية، بل هو محرّك دائم للوعي، ومنصة حوارية، وحاضنة ثقافية تُسهم في بناء الإنسان القارئ، الواعي بجذوره، المتطلع إلى المستقبل، وهو بذلك يُعيد التأكيد سنويًا على أن الثقافة ليست ترفًا، بل ضرورة لبناء مجتمع متماسك، يُدرك مَن هو، وأين يقف، وإلى أين يمضي.